فصل: تفسير الآية رقم (37):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب التأويل في معاني التنزيل المشهور بـ «تفسير الخازن» (نسخة منقحة).



.تفسير الآية رقم (35):

{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}
قوله تعالى: {وإن خفتم} يعني وإن علمتم وتيقنتم وقيل معناه الظن أي ظننتم {شقاق بينهما} يعني بين الزوجين وأصل الشقاق المخالفة وكون كل واحد من المتخالفين في شق غير شق صاحبه أو يكون أصله من شق العصا وهو أن يقول كل واحد من الزوجين ما يشق على صاحبه سماعه، وذلك أنه إذا ظهر بين الزوجين شقاق ومخالفة واشتبه حالهما ولم يفعل الزوج الصلح ولا الصفح ولا الفرقة وكذلك الزوجة لا تؤدي الحق ولا الفدية وخرجا إلى ما لا يحل قولاً وفعلاً. قوله تعالى: {فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها} اختلفوا في المخاطبين بهذا ومن المأمور ببعثة الحكمين، فقيل المخاطب بذلك هو الإمام أو نائبه لأن تنفيذ الأحكام الشرعية إليه وقيل المخاطب بذلك كل أحد من صالحي الأمة لأن قوله تعالى فابعثوا خطاب الجمع وليس حمله على البعض أولى من حمله على البعض أولى من حمله على البقية فوجب حمله على الكل فعلى هذا يجب أن يكون أمراً لآحاد الأمة سواء وجد الإمام أو لم يوجد. فللصالحين أن يبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، وأيضاً فهذا يجري مجرى دفع الضرر فلكل واحد أن يقول به وقيل وهو خطاب للزوجين فإذا حصل بينهما شقاق بعثاً حكمين حكماً من أهله وحكماً من أهلها {إن يريدا إصلاحاً} يعني الحكمين وقيل الزوجين {يوفق الله بينهما} يعني بالصلاح والألفة روى الشافعي بسنده عن علي بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه جاءه رجل وامرأة ومع كل واحد منهما فئام من الناس فقال: علام شأن هذين؟ قولوا: وقع بينهما شقاق قال علي فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ثم قال للحكمين تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رايتما أن تفرقا فرقتما فقالت المرأة رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي وقال الرجل أما الفرقة فلا قال علي كذبت والله حتى تقر بمثل ما أقرت به. قال الشافعي: والمستحب أن يبعث الحاكم عدلين ويجعلهما حكمين والأولى أن يكون واحد من أهله وواحد من أهلها لأن أقاربهما أعرف بحالهما من الأجانب وأشد طلباً للإصلاح فإن كانا أجنبيين جاز وفائدة الحكمين أن كل واحد منهما يخلو بصاحبه ويستكشف حقيقة الحال ليعرف أن رغبته في الإقامة على النكاح أو في المفارقة ثم يجتمعان فيفعلان ما هو الصواب من اتفاق أو طلاق أو خلع والحكمان وكيلان للزوجين وهل يجوز تنفيذ أمر يلزم الزوجين دون رضاهما وإذنهما في ذلك مثل أن يطلق حكم الرجل أو يفتدي حكم المرأة بشيء من مالها، فللشافعي في ذلك قولان: أحدهما أنه لا يجوز إلا برضاهما وليس الحكم الزوج أن يطلق إلا بإذنه ولا لحكم المرأة ان يختلع بشيء من مالها إلا بإذنها وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد لأن علياً توقف حين لم يرضَ الزوج وذلك حين قال أما الفرقة فلا فقال له علي كذبت حتى تقر بمثل ما أقرت به فثبت أن تنفيذ الأمر موقوف على إقراره ورضاها ومعنى قول علي للزوج كذبت أي لست بمنصف في دعواك حيث لم تقر بمثل ما أقرت به من الرضا بحكم كتاب الله لها وعليها والقول الثاني إنه يجوز بعث الحكمين دون رضاهما ويجوز لكم الزوج أن يطلق دون رضاه ولحكم الزوجة أن يختلع دون رضاها إذا رأيا الصلاح في ذلك كالحاكم يحكم بين الخصمين وإن لم يكن على وفق مرادهما وبه قال مالك: ومن قال بهذا القول قال ليس المراد من قول علي للزوج حتى تقر أن رضاه شرط بل معناه أن المرأة لما رضيت بما في كتاب الله تعالى.
فقال الرجل أما الفرقة فلا يعني ليست الفرقة في كتاب الله فقال له علي: كذبت حتى أنكرت أن تكون الفرقة في كتاب الله، بل هي في كتاب الله فإن قوله تعالى يوفق الله بينهما يشتمل على الفراق وعلى غيره لأن التوفيق أن يخرج كل واحد منهما من الإثم والوزر ويكون تارة ذلك بالفراق وتارة بصلاح حاليهما في الوصلة. وقوله تعالى: {إن الله كان عليماً خبيراً} يعني أن الله تعالى يعلم كيف يوفق بين المختلفين ويجمع بين المتفرقين وفيه وعيد شديد للزوجين والحكمين إن سلكوا غير طريق الحق.

.تفسير الآية رقم (36):

{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)}
قوله عز وجل: {واعبد وا الله} يعني وحدوه وأطيعوه وعبادة الله تعالى عبارة عن كل فعل يأتي به العبد لمجرد الله تعالى ويدخل فيه جميع أعمال القلوب وأعمال الجوارح {ولا تشركوا به شيئاً} يعني وأخلصوا له في العبادة ولا تجعلوا له في الربوبية والعبادة شريكاً لأن من عبد مع الله غيره أو أراد بعمله غير الله فقد أشرك به ولا يكون مخلصاً.
(ق) عن معاذ بن جبل قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير أو اسمه يعفور فقال: يا معاذ هل تدري ما حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال: «فإن حق الله على العباد أن يعبد وه ولا يشركوا به شيئاً وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً فقلت يا رسول الله أفلا أبشر الناس قال لا تبشرهم فيتكلوا» قوله هل تدري ما حق الله على عباده معناه ما يستحقه مما أوجبه وجعله متحتماً عليهم ثم فسر ذلك الحق بقوله أن يعبد وه ولا يشركوا به شيئاً وقوله وما حق العباد على الله إنما قال حقهم على سبيل المقابلة لحقه عليهم لا لأنهم يستحقون عليه شيئاً ويجوز أن يكون من قول الرجل لصاحبه حقك عليّ واجب أي متأكد قيامي به. وقوله أفلا أبشر الناس إلخ إنما قال لا تبشرهم فيتكلوا. لأنه صلى الله عليه وسلم رأى ذلك أصلح لهم وأحرى أن لا يتلكوا على هذه البشارة ويتركوا العمل الذي ترفع لهم به الدرجات في الجنة. وقوله تعالى: {وبالوالدين إحساناً} تقديره وأحسنوا بالوالدين إحساناً يعني برّاً بهما واعطفا عليهما وإنما قرن بر الوالدين بعبادته وتوحيده لتأكد حقهما على الولد. واعلم أن الإحسان بالوالدين هو أن يقوم بخدمتها ولا يرفع صوته عليهما ويسعى في تحصيل مرادهما والإنفاق عليهما بقدر القدرة.
(ق) عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك قال ثم من؟ قال ثم أمك؟ قال ثم من؟ قال ثم أمك؟ قال ثم من؟ قال ثم أبوك؟» وفي رواية قال: «أمك ثم أباك ثم أدناك فأدناك قوله ثم أباك فيه حذف تقديره ثم بر أباك».
(م) عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قيل من يا رسول الله؟ قال من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة» قوله تعالى: {وبذي القربى} أي وأحسنوا إلى ذي القرابة وهو ذوو رحمه من قبل أبيه وأمه.
(ق) عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه» قوله ينسأ له في أثره يعني يؤخر له في أجله وعمره. وقوله تعالى: {واليتامى والمساكين} أي وأحسنوا إلى اليتامى وإنما أمر بالإحسان إليهم لأن اليتيم مخصوص بنوعين من العجز والصغر وعدم المشفق المسكين هو الذي ركبه ذل الفاقة والفقر فتمسكن لذلك.
(خ) عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة» هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر» وقوله تعالى: {والجار ذي القربى والجار الجنب} أي وأحسنوا إلى الجار ذي القربى وهو الذي قرب جواره منك والجار الجنب هو الذي بعد جواره عنك وقيل الجار ذي القربى هو القريب والجار الجنب هو الأجنبي الذي ليس بينك وبينه قرابة.
(ق) عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» وعن عائشة مثله.
(خ) عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي قال إلى أقربهما باباً منك».
(م) عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك» وفي رواية قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها ثم انظر إلى أهل البيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف».
(ق) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه» ولمسلم «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» البوائق الغوائل والشرور.
(ق) عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة» معناه ولو أن تهدي إليها فرسن شاة وهو الظلف وأراد به الشيء الحقير.
(ق) عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» وقوله تعالى: {والصاحب بالجنب} قال ابن عباس هو الرفيق في السفر وقيل هي المرأة تكون معك إلى جنبك وقيل هو الذي يصحبك رجاء نفعك.
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وقوله تعالى: {وابن السبيل} يعني المسافر المجتاز بك الذي قد انقطع به وقال الأكثرون المراد بابن السبيل الضيف يمر بك فتكرمه وتحسن إليه.
(ق) عن أبي شريح خويلد بن عمرو العدوي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته قالوا وما جائزته يا رسول الله؟ قال: يومه وليلته والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه» وقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» زاد في رواية «ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه. قال: يا رسول الله وكيف يؤثمه؟ قال يقيم عنده ولا شيء عنده يقربه به» قوله جائزته يومه وليلته الجائزة العطية أي يقري الضيف ثلاثة أيام ثم يعطيه ما يجوز به من منهل إلى منهل وقيل هو أن يكرم الضيف فإذا سافر أعطاه ما يكفيه يوماً وليلة حتى يصل إلى موضع آخر وقوله أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه أي يوقعه في الإثم لأنه إذا أقام عنده ولم يقرِه أثم بذلك. وقوله تعالى: {وما ملكت أيمانكم} يعني المماليك فأحسنوا إليهم والإحسان إليهم أن لا يكلفهم ما لا يطيقون ولا يؤذيهم بالكلام الخشن وأن يعطيهم من الطعام الكسوة ما يحتاجون إليه بقدر الكفاية عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة سيئ الملكة» أخرجه الترمذي عن رافع بن مكيث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حسن الملكة نماء وسوء الخلق شؤم» أخرجه أبو داود وله عن علي بن أبي طالب قال كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم».
(ق) عن المعرور بن سويد قال رأيت أبا ذر وعليه حلة وعلى غلامه حلة مثلها فسألته عن ذلك فذكر أنه سابّ رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بأمه فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إنك امرؤ فيك جاهلية قلت على ساعتي هذه من كبر سني قال نعم هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان تحت يده فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه» وقوله تعالى: {إن الله لا يحب من كان مختالاً} المختال المتكبر العظيم في نفسه الذي لا يقوم بحقوق الناس {فخوراً} الفخور هو الذي يفتخر على الناس ويعدد مناقبه تكبراً وتطاولاً على من دونه، وقيل هو الذي يفتخر على عباد الله بما أعطاه الله من نعمه ولا يشكره عليها وإنما ختم الله هذه الآية بهذين الوصفين المذمومين لأن المختال الفخور يأنف من أقاربه الفقراء ومن جيرانه الضعفاء فلا يحسن إليهم ولا يلوي بنظره عليهم ولأن المختال هو المتكبر ومن كان متكبراً فلا يقوم بحقوق الناس.
(ق) عن ابن عمران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الله تعالى يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء».
(ق) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً».
(ق) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة».
(خ) عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل ممن كان قبلكم يجر إزاره من الخيلاء خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة».
(ق) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الفخر والخيلاء في الفدادين من أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم الفدادون هم الفلاحون والحراثون وأصحاب الإبل والبقر المستكبرون منهما المتكبرون على الناس بهما».

.تفسير الآية رقم (37):

{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)}
قوله عز وجل: {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} نزلت في اليهود الذين بخلوا ببيان صفة محمد صلى الله عليه وسلم فكتموها وعلى هذا يكون المراد بالبخل كتمان العلم وقال ابن عباس نزلت في كردم بن زيد ويحيى بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع ويحيى بن عمر وكانوا يأتون رجالاً من الأنصار ويخاطبونهم يقولون لهم لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ولا تدرون ما يكون فأنزل الله عز وجل هذه الآية وقيل يحتمل أن يكون المراد بالبخل كتمان العلم ومنع المال لأن البخل في كلام العرب منع السائل من فضل ما لديه وإمساك المقتنيات وفي الشرع البخل عبارة عن إمساك الواجب ومنعه، وإذا كان ذلك أمكن حمله على منع المال ومنع العلم {ويكتمون ما آتاهم الله من فضله} يعني اليهود كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وما عندهم من العلم وقيل هم الأغنياء الذين كتموا الغنى وأظهروا الفقر وبخلوا بالمال {وأعتدنا للكافرين} يعني الجاحدين نعمة الله عليهم {عذاباً مهيناً} يعني في الآخرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب.